«الداخلية»: برنامج لتطوير إدارة الحشود في الجمرات والطواف والسعيبرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، انطلقت أمس فعاليات المؤتمر الدولي للحشود والتجمعات البشرية الذي تنظمه وزارة الصحة بحضور أكثر من 500 مشارك و30 متحدثا من داخل المملكة وخارجها، وقد بدأت أعمال الجلسة الأولى للمؤتمر تحت عنوان "طب الحشود والتجمعات البشرية" واختيار الحج كنموذج متميز ومتفرد في هذا المجال.
وأكد الدكتور حبيب زين العابدين، وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية، خلال الجلسة الأولى التي أدارتها الدكتورة مارجريت شان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن الحشود والتجمعات البشرية في الحج تعد من أكبر التجمعات في العالم، وتعد نموذجا لمستقبل طب الحشود والتجمعات البشرية، وبالأخص في منطقة الجمرات.
وتطرق إلى الجهود التي بذلت لمنع أي حوادث أو اختناقات والحشود البشرية في مناطق عرفات ومنى ومزدلفة ومنطقة الإسكان بالخيام، موضحا أن السعة المقدرة لاستيعاب هذه الحشود من الحجاج ليست كافية؛ وذلك بسبب ضيق الوقت ووجود أداء شعيرة رمي الجمرات خلال ساعات محددة، وأن هذه الكثافة البشرية التي تتحرك في وقت وزمن واحد تمنع سيارات الإسعاف من تقديم الرعاية الصحية إلى أي محتاج؛ ما يجعل الأمر صعبا في تقديم الخدمات العلاجية والطبية.
وما يجعل الأمر صعبا أن هناك صورا توضح تصرفات وسلوكيات بعض هؤلاء الحجاج وكيف يتصرفون بطريقة فردية وعشوائية دون مراعاة لمشاعر الآخرين.
ولفت الدكتور حبيب إلى أن دخول الحجاج من مختلف الاتجاهات قاصدين منطقة الجمرات أمر لا يتصوره العقل، خاصة أن القطاعات المختلفة لا بد أن تتعامل مع هذه الحشود خلال أوقات محددة وأن البعض منهم ليس لديهم الوعي الكافي لاتباع الطرق السليمة لحماية أنفسهم، مؤكدا أن السعودية قامت بعديد من الدراسات واتخذت بعض الخطوات في إعادة تصميم الجسور الخاصة برمي الجمرات، كما استعانت بعديد من الاستشاريين من شركات عالمية هندسية؛ من أجل التغلب على كل هذه المشكلات، وتم طرح المشكلات كافة التي كانت تواجه منطقة الرمي إلى جانب الاستعانة بشركات ألمانية لعمل بحوث والخروج بتصاميم عالمية من خلال فريق من المهندسين والباحثين. وقدم الدكتور حبيب للمشاركين عرضا يوضح نسبة الكثافة في التدفقات البشرية من منطقة إلى أخرى وتفاوتها بين حين وآخر، مشيرا إلى أن المؤتمر سيشهد ورقة عمل للخبير السويدي جوهنس الذي قام بإعداد رسالة الدكتوراه في هذا الأمر.
وأوضح أن السعودية استخدمت مختلف الوسائل والتقنيات والبرمجيات المتطورة لتحليل تدفق الحشود البشرية وتوقع الحوادث وأماكن وقوعها؛ حتى تكون قطاعات الخدمة على مقربة من المنطقة، رغم شدة الزحام الشديد للوصول للحوادث ومساعدة المحتاجين.
وتطرق وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى الحلول التي تمكنت من خلالها المملكة من القضاء على المشكلة، حيث تم إنشاء الجسر الجديد لجسر الجمرات المكون من ستة طوابق بما فيهم الطابق الأرضي ومستوى واحد لرمي الجمرات ويرتبط الجسر بنفقين لتسهيل عملية الخروج وكل طابق من هذه الطوابق يخدم الطاقة الاستيعابية التي صمم من أجلها، موضحا أنها إحدى الوسائل الفعالة في تقسيم الموجات البشرية، مشددا على أهمية توعية الحجاج من أجل التعامل مع هذا المشروع.
وتابع: "قمنا بإنشاء عدد من العيادات التابعة لوزارة الصحة لعلاج الحالات الطارئة إلى جانب وجود مصاعد لنقل الحالات الطارئة ووجود فرق للقيام بعملية الإنقاذ".
وأفاد بأن من أهم المشكلات التي تواجهنا جهل الحجاج باللغة العربية إلى جانب بعض السلوكيات، لكننا اتفقنا مع الدول أن توعي حجاجها؛ حتى نتمكن من إدارة وتنظيم هذه الحشود البشرية الهائلة.
وأعلن أن الطابق الخامس من جسر الجمرات سيعمل في حج هذا العام؛ ما سيحقق نتائج إيجابية في التخفيف من هذه التجمعات البشرية، مبينا أن الحج منظومة متكاملة تتضافر فيها كل الجهود من أجل خدمة ضيوف الرحمن، حيث توجد لدينا 90 كاميرا لمراقبة حركة جسر الجمرات والموجات البشرية المتدفقة واتجاهاتها، وتوضح هذه الكاميرات ساعات الذروة والانخفاض بين الساعة والأخرى، إلى جانب وجود معلومات عن الطاقة الاستيعابية لكل طابق، مستخدمين أحدث التقنيات والتكنولوجيا في إدارة هذه الحشود إلى جانب أبراج تلفزيونية تزود الحجاج بمختلف المعلومات، كما أننا جهزنا سيارات خاصة لمساعدة المعاقين، وكل هذه الخدمات مكنتنا من مساعدة ضيوف الرحمن لرمي الجمرات بيسر وسهولة ومكافحة الخوف والاندفاع؛ حتى لا تحدث أي مشكلات بهذا الشأن.
وقال: "إنه رغم كل ما حققناه من نجاح في التجربة، إلا أننا نسعى لتحسين الوضع القائم الآن وفي المستقبل والعمل على بث السلوكيات الحضرية في التعامل معنا للمساعدة في إدارة هذه الحشود، ولدينا الآن واحد من أهم المشروعات التي نفذتها المملكة في حج هذا العام وهو مشروع القطار الذي يمر بمنطقة الجمرات"، مبينا أن توعية الحجاج صحيا تأتي في قمة الأولويات وتعد خيارا استراتيجيا ومهما من أجل أن يؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة وأمن وأمان وتقليل المخاطر.
ثم تحدث اللواء المهندس منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن إدارة الحشود البشرية في الحج بشكل عام، موضحا أن هناك قيودا زمنية ومكانية لأداء هذه الفريضة، ولا بد على الحشود البشرية أن تتحرك وتمارس كل هذه العبادات بهدوء وطمأنينة، مشيرا إلى أن هناك 2.5 مليون مسلم يؤدون الحج كل عام، من بينهم 700 ألف يسيرون على الأقدام ولا يستخدمون سيارات أو وسائل نقل، إلى جانب أن هناك 75 ألف سيارة تقوم بنقل الحجاج من وإلى المشاعر المقدسة خلال فترة زمنية تتراوح ما بين أربعة وستة أيام.
وقال التركي: "إن الطاقة الاستيعابية للحرم المكي تقدر بنحو 700 ألف مصلٍ يتجمعون حول الكعبة في يوم واحد؛ ما يشكل ضغطا شديدا على هذه المنطقة، إلى جانب أن سعة الطواف حول الكعبة تصل إلى 53 ألف في جميع المستويات في الحرم، بينما تبلغ طاقة المسعى 118 ألف شخص، وتبلغ المسافة التي يقطعها الحاج داخل الحرم للطواف والسعي 4.25 كيلومتر من أجل أداء الطواف والسعي.
واستعرض اللواء التركي رحلة الحج التي تبدأ من التحرك من الحرم ثم إلى منى ومزدلفة، وتبلغ المسافة التي يقطعها الحاج 13 كيلومترا إلى منى 19 كيلومترا إلى عرفة، ويفضل البعض منهم المشي كل هذه الأوقات تشهد تدفقات بشرية كثيفة إلى جانب مناطق جسر الجمرات وجبل الرحمة.
وأضاف التركي: "إن الاستراتيجية التي اتبعت بالنسبة إلى إدارة هذه الحشود بدأت حين تم تحديد نسبة الحجاج القادمين للحج بالنسبة إلى الدول الإسلامية بمعدل شخص واحد من كل ألف، وأن عدد المسلمين الذين يرغبون في أداء هذه الفريضة 1.5 بليون مسلم وهناك ثلاثة ملايين حاج كل عام يؤدون الشعيرة ويصلون إلى مكة في وقت واحد ومكان واحد، وبالتالي تكون هناك كثافة من التجمعات والحشود البشرية التي لا بد من خطط متنوعة لتقسيم عدد الحجاج على الوقت المتاح لأداء الفريضة وتستوعبهم التسهيلات والخدمات والمرافق، كما أننا نعمل على تقسيم الحجاج إلى أفواج والأخذ في الاعتبار أن جسر الجمرات متعدد الطوابق، والتأكد من عدم وجود تكدس في هذه المناطق.
وقال اللواء التركي: "إننا ما زلنا نعمل على برنامج لتطوير إدارة هذه الحشود وبدأنا في منطقة الجمرات، وسنعمل كذلك ضمن هذا البرنامج على تطوير إدارة الحشود في الطواف والسعي، ثم بقية المناطق في المشاعر المقدسة حسب الجدول الموضوع.
وشدد التركي على أهمية توعية الحجاج بالمخاطر المرتبطة بالحج، خاصة أن الحجاج يأتون لأداء الفريضة لأول مرة وليس لديهم فكرة، ونحاول أن نطور وسائل التوعية قبل مجيئهم ونشجع الحكومات من أجل توعية حجاجها لتوفير السلامة لهم.
من جانبه، أكد الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي ورئيس المؤتمر على أهمية المؤتمر والمتحدثين فيه من خلال طرح ورقة عمل تتحدث عن العمرة، موضحا بالأرقام والإحصائيات أوقات الذروة أثناء أداء العمرة وحدوث التجمعات البشرية إلى جانب طرح رحلة الحج باعتبارها التحدي الأكبر الذي يحتاج إلى كل الجهود من أجل إدارة هذه التجمعات البشرية والإيمان بأن الحلول ليست نهائية، لكنها مستمرة من عام إلى آخر وأن المملكة وضعت كل إمكاناتها من أجل قيادة هذه التجمعات البشرية لأداء فريضة الحج في أقصى درجات الأمن والأمان.
وتطرق ميمش إلى إنفلونزا الخنازير والتدابير الوقائية التي اتخذت لمواجهة هذا المرض في المنافذ البرية والجوية والبحرية ومحاولة اكتشاف المصابين قبل دخولهم إلى الأراضي المقدسة، موضحا النسب المئوية فيما يتصل بالزكام والأمراض المختلفة من 2008 ـــ 2010م، كما أن السعودية عبر منظمة المؤتمر توصلت إلى قرار بوضع حصص لكل دولة إسلامية بناءً على كثافة السكان، وتم رصد جميع الأمراض والأوبئة المختلفة في أكثر من عشر دول من أجل مواجهتها، ولفت إلى أن وزارته تستعد كل عام للحج من خلال لجنة استشارية تنعقد قبل الحج لجدولة المهام والمسؤوليات بين مختلف وزارات الدولة ومصالحها وإدارتها والوصول إلى جميع الخدمات التي تقدم في حج كل عام، إضافة إلى إطلاق عديد من برامج التوعية، سواء قبل مجيء الحجاج في دولهم أو بعد وصولهم.
وأوضح أن وزارة الصحة وضعت خططا توعوية في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية من أجل تقديم المنشورات التوعوية التي توضح للحاج تفاصيل خطط التوعية الصحية، وأن وزارة الصحة جندت ما لا يقل عن 17 ألف طبيب وممرض وممرضة وإخصائي و39 فريقا طبيا متنقلا و21 معسكرا طبيا من مختلف القطاعات المساندة.