دب من ادعاء أن ادم وحوىقد وقعا في الكفر
{ َفَلَمَّا ءَاتَهُمَا َصلَِحًا جَعَلَا لََهُ شَُرَكَاءَ فِيمَا ءَاتَهُِمَا }عن ابن عباس في معنى الآية قال :[لما تغشاها آدم حملت,فأتاهما إبليس,فقال :أني صاحبكما الذي أخرجكما من الجنة,لتطيعانني,أو لأجعلن له قرني أيل,فيخرج من بطنك فيشقه ,ولأفعلن,يخوفهما ,سمياه عبد الحارث, فأبياأن يطيعاه,فخرج ميتا,فأتهما,فذكر لهما, فأدركهما حب الولد,فسمياه عبد الحارث,فذلك قوله :{جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَاءَاتَهُمَا}
.رواه ابن أبي حاتم .
وله بسند صحيح عن قتادة,قال:شركاء في طاعته ,ولم يكن عبادة .
وله بسند صحيح عن مجاهد ,في قوله:{لَئِنءَاتَيتَنَا صَلِحًا} الأعراف ,قال:أشفقاأن لايكون إنسانا.
وذكرمعناه عن الحسن وسعيد وغيرهما .
ولكن الصحيح أن الحسن_رحمه الله_ قال:إن المراد بالآية غير آدم وحوى ,وإن المراد بها المشركون من بنى آدم ؛كما ذكر ذلك ابن كثير _رحمه الله_في (تفسيره)وقال:[أما نحن ؛فعلى مذهب الحسن البصري _رحمه الله_في هذا,وأنه ليس المراد من السياق آدم وحواء؛وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته]أ.ه .
وهذه القصة باطلة من وجوه :
الوجه الأول:أنه ليس في ذلك خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ,وهذه من الأخبار التي لاتتلقى إلا بالوحي ,وقد قال ابن حزم عن هذه القصة:إنها روية خرافة مكذوبة موضوعة .
الوجه الثاني:أنه لو كانت هذه القصة في آدم,وحواء؛ولكان حالهما إما أن يتوبا من الشرك,أو يموتا عليه؛فإن قلنا:ماتا عليه؛كان ذلك أعظم من قول بعض الزنادقة:
إذا ما ذكرنا آدما,وفعاله وتزويجه ببتيه بابنيه بالخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر وأن جميع الناس من عنصر الزنا
فمن جوز موت أحد من الأنبياء على الشرك؛فلا يليق بحكمه الله,وعدله,ورحمته,أن يذكر خطأهما,ولايذكر توبتهما منه,فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء,وقد تابا,ولم يذكر توبتهما,والله_تعالى_إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه,ورسله ذكر توبتهم منها؛كما في قصة آدم نفسه ؛حين أكل من الشجرة,وزوجه,وتابا من ذلك
الوجه الثالث:أن الأنبياء معصومون من الشرك باتفاق العلماء .
الوجه الرابع:أنه ثبت في حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم ,يطلبون منه الشفاعة,فيعتذربأكله من الشجرة؛ وهو معصية ولو وقع منه الشرك؛لكان اعتذاره به أقوى,وأولى,وأحرى .
الوجه الخامس:أن في هذه القصة أن الشيطان جاء إليهما,وقال:(أنا صاحبهما الذي أخرجهما من الجنة )فسيعلمان علم اليقين أنه عدولهما,فلا يقبلان منه صرفا,ولاعدلا.
الوجه السادس:أن في قوله في القصة:(لأجعلن له قرني إيل ):إما أن يصدقا أن ذلك ممكن في حقه؛فهذا شرك في الربوبية؛لأنه لايقدر على ذلك إلا الله,أولايصدقا,فلا يمكن أن يقبلا قوله,وهما يعلمان أن ذلك غير ممكن في حقه .
الوجهالسابع:قوله تعالى :{فتعلى الله عما يشركون}؛بضميرالجمع,ولو كان آدم وحواء؛ لقال:عمايشركان .
فهذه الوجوه تدل على أن هذه القصة باطلة من أساسها,وأنه لايجوز أن يعتقد في آدم وحواء أن يقع منهما شرك بأي حال من الأحوال,والأنبياء منزهون عن الشرك,مبرؤون منه باتفاق أهل العلم,وعلى هذا؛فيكون تفسير الآية ؛كما أسلفنا أنها عائدة إلى بني آدم, الذين أشركوا شركا حقيقيا؛فإن منهم مشركا,ومنهم موحدا .